تبلورت فكرة القافلة والدعوة لها، ومن ثم تم إطلاق قافلة الضمير كمبادرة مدنية بجهود سيدات تركيات وبدعم معتقلات سوريات سابقات. نُشرت الدعوة للقافلة لتصل النساء في مختلف أنحاء العالم، ووُجِّهت خطابات تدعو للمشاركة ودعم القافلة، ولاقت ردوداً طيبة، كان أسرعها من النساء البوسنيات، اللواتي أعددن 4 حافلات على رأسهن أمهات ضحايا مذبحة سربرنيتشا، واتجهن للمشاركة في القافلة عبر الطريق البري من البوسنة إلى إسطنبول.
توالت الردود على خطابات الدعوة من مختلف أنحاء العالم بسرعة فائقة حتى تحولت قافلة الضمير إلى مبادرة تضامن نسائية مدنية دولية؛ في هذه الأثناء شرعت لجان مكونة من نساء بتنظيم كافة الشؤون المتعلقة بالقافلة من تحضير الحافلات وتحديد مسار القافلة وأماكن الاستراحة، وكذلك الإعلام والتواصل.
فور انتهاء الاستعدادات الأولية، تم الإعلان عن قافلة الضمير في مؤتمر صحفي في الأول من آذار/مارس 2018، وحقق المؤتمر نجاحاً ووصولاً إعلامياً واسعاً من خلال تغطية إعلامية دولية، وتحديداً كان لمشاركة النساء السوريات في المؤتمر الصحفي صدى مهم عبر وسائل الإعلام.
لدى استكمال التحضيرات، بدأ توافد المشاركات من خارج تركيا إلى مدينة إسطنبول، حيث نقطة انطلاق قافلة الضمير، وفي 6 آذار/مارس 2018، عند الساعة 10:30، تحركت قافلة الضمير من منطقة يني قابي في إسطنبول، وسط هطول أمطار كثيفة، وتمنيات حارة أعربت عنها حشود غفيرة اجتمعت عند نقطة الانطلاق.
كانت مدينة كوجالي هي أولى المحطات التي حطت عندها القافلة، في أرض المعارض كوجالي إنترتكس، حيث انضمت إلى القافلة حافلات أخرى تقلّ مشاركات من مدن كوجالي، ويالوفا، والمناطق المجاورة. وتابعت القافلة تحركها عقب تصريحات صحفية وبعض النشاطات، متجهة نحو سقاريا، حيث اجتمعت المشاركات في مركز أتاتورك الرياضي ونظمت فعالية حضرتها نساء فقط، وألقي خلالها بعض الكلمات التي أعربت عبرها النساء السويات عن بالغ شكرهن للمشاركة الدولية في القافلة؛ وتركزت الكلمات على وضع النساء والفتيات خلال النزاعات وضرورة حمايتهن.
تحركت القافلة مجدداً مساء 6 آذار/مارس 2018، من سقاريا نحو العاصمة أنقرة، وانضم إليها عدد من المشاركات خلال ذلك. ولدى وصول المشاركات إلى أنقرة، تمت استضافتهن في مسجد أحمد حمدي أقسكي للمبيت، بدعم من رئاسة الشؤون الدينية. استأنفت القافلة مسيرها صباح اليوم التالي 7 آذار/مارس 2018، بعد عقد مؤتمر صحفي بحضور مشاركات من أنقرة والمناطق المجاورة.
وفي 7 آذار/ مارس 2017، استقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وعقيلته السيدة أمينة أردوغان، وفداً من المشاركات في القافلة في القصر الرئاسي في أنقرة، حيث روت مجد الشربجي، وهي معتقلة سورية سابقة، ما تعرضت له من تعذيب أثناء اعتقالها في سجون النظام، فيما أعربت بقية المشاركات في الوفد عن تمنياتهن بوقف معاناة السوريات المعتقلات قريباً، وأعربن عن امتنانهن للرئيس التركي لاستقبالهن. وكذلك أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن دعمه لقافلة الضمير، وقدمت السيدة الأولى أمينة أردوغان للوفد وشاحاً مطرزاً ليقدمنه للنساء السوريات في هاتاي. واختتم اللقاء بالإعراب عن رغبة مشتركة لحماية النساء السوريات وإطلاق سراح المعتقلات منهن. عقب ذلك توجه الوفد لزيارة البرلمان التركي في أنقرة؛ حيث عقد مؤتمر صحفي مشترك مع لجنة حقوق الإنسان في البرلمان التركي، أدلي خلاله بيان صحفي يدعو لإطلاق سراح المعتقلات السوريات.
واصلت قافلة الضمير طريقها حتى مدينة أقسراي وسط تركيا، وهناك انضم عدد من المشاركات الجدد إلى القافلة، وعقد مؤتمر صحفي بمشاركتهن. ثم تابعت قافلة الضمير إلى مدينة أضنة جنوب تركيا ووصلت عند السادسة مساء يوم 7 آذار/ مارس 2017. وانضم إليها موكب طويل من السيارات التي كانت تنتظر القافلة لاستقبالها. ثم عقد مؤتمر صحفي في مركز المعارض في أضنة، حيث كان مبيت المشاركات أيضًا. في الصباح الباكر لليوم التالي، استعدت المشاركات للانطلاق نحو الحدود السورية برفقة وافدات جدد انضممن للقافلة، ليصل عدد المشاركات إلى نحو 7500 سيدة.
في تلك الأثناء، كانت قوافل أخرى صغيرة تنطلق من مدن شرقي وجنوب شرقي تركيا، نحو مدينة هاتاي، للانضمام لقافلة الضمير. وفي 8 آذار/ مارس 2018، اليوم العالمي للمرأة، وصل أكثر من 10 آلاف سيدة إلى ساحة هاتاي المركزية، ومن هناك أرسلن نداء للعالم أجمع ليصغي إلى مطالبهن.
بداية تم الإدلاء ببيان “صرخة صامتة” وسط تغطية إعلامية محلية ودولية واسعة.
تم الإدلاء ببيان 8 آذار/مارس، ثم دعت المحامية التركية غولدان سونماز، المنسقة العامة للقافلة والمتحدثة باسمها، إلى وقفة “صرخة صامتة“، التي شارك فيها أعداد كبيرة من السوريات المقيمات في بلدات تركية حدودية، وسيدات من مخيمات اللجوء المجاورة، كان بينهن سيدات عشن تجربة الاعتقال.
خلال وقفة “صرخة صامتة“، قامت المشاركات في القافلة والنساء اللواتي انضممن إليهن، بتقييد أيديهن بالأوشحة التي كن يرتدينها في رحلة القافلة، وجلسن على الأرض بصمت لخمس دقائق بينما أياديهن مقيدة بالأوشحة، فكانت كل منهن ممثلة عن معتقلة سورية في سجون النظام، وتوجهن عبر “الصرخة الصامتة” بالدعوة باسم المعتقلات إلى صنّاع القرار حول العالم وإلى ضمائر الشعوب الإنسانية للإفراج عن النساء المعتقلات في سجون سوريا.